هل أصبحت الكنيسة تبشر بالخلاص بالأعمال فقط, ومن دون الحاجة لفداء الرب يسوع المسيح؟


وهل هناك خلاصا بغفران خطايا البشر من دون الحاجة للفداء؟


هل هناك خلاصا من دون فداء الرب على الصليب؟ سوال يطرحهُ الكثيرين, ويثيرون سوال آخر لكي يطرحوا إمكانية خلاص البشر برحمة الله الواسعة, فهناك الكثير من البشر من الاديان الاخرى ذوي أعمال صالحة من أمثال غاندي ورابعة العدوية وغيرهم الكثير, واحيانا تكون أعمالهم الصالحة أكثر بكثير من المؤمنين بفداء الرب وخلاصه! ومن هذا يستنتجون إنَّ الله سيمنح مثل هولاء الخلاص, خاصة وهو بطبيعتهِ غفورُ رحيم, فيجب أن تقتضي رحمته اللامتناهية خلاص مثل هولاء فيمنحهم الملكوت السماوي ايضا!


والسوآل هنا: هل أصبحت الكنيسة تبشر بإمكانية خلاص البشر بحسبِ كثرة أعمالهم الصالحة من دون الحاجة للإيمان بفداء الرب وإستحقاقات الصليب؟ فقبل أيام خرجَ علينا ألمطران جورج خضر وكتب في جريدة المنار بتاريخ 22 حزيران 2002  إِنَّ الغير مؤمنين سيخلصون هم ايضا بأعمالهم الصالحة ومن دون الحاجة لايمانهم بفداء الرب يسوع المسيح! لا بل ذهب ابعد من ذلك وبدأ بالتهكم على من يقول بخلاص المؤمنين بالفداء فقط, ونأى باللائِمة على فهم المسيحيين الخاطيء والضلالة الكبرى التي وقعوا فيها بسبب قول القديس أوغسطينوس الذي قال: ”خارج الكنيسة ليس مِن خلاص", فهل الخلاص بقبول الفداء والايمانِ من بنات أفكار القديس أُوغسطينوس؟ هل حقا إِنَّ المسيحيينَ أضلهم القديس أُوغسطينوس وأفهمهم بإنَّ الخلاص مقتصر على المؤمنين بالفداء؟ أم هذهِ حقيقة يعرفها كل مسيحي إستنادا على كلام الرب يسوع المسيح ذاتهُ! الذي قال: "إِذهبوا إلى العالم أجمع وبشروهم من آمنَ وإِعتمد خلص, ومن لا يؤمن يُدان" فلما يخرج علينا المطران جورج خضر متهكما على مَنْ يُؤمن بأَنَّ الخلاص هو بالمسيح المصلوب فقطِ, ولما إجتهادهِ الجديد بإمكانية الخلاص بألأعمال الصالحة  فقط! هل سيخرج علينا بتشريع جديد, تشريع آخر ألأزمنة!


هل يخلص “غير المسيحي”؟


 وإن كان الخلاص يشمل البوذيين والهندوس والاسلام والوثنيين الجيدين ذوي الحسنات الكثيرة, فلما لا تتعايش الكنائس التقليدية مع الانجيليين او شهود يهوة بدل أن تناصبهم العداء, فهم أيضا ستشملهم رحمة الله الواسعة وخلاصهِ, ففيهم أُناس جيدين وكثيري العطاء ويدفعون العشور ويستضيفون بعضهم بعضا بكامل المحبة, اكثر بكثير مما يفعل الكاثوليك او الاورثودوكس.


ولما لا تكتب الكنائس التقليدية إلى مُؤمنيها أن يستسلموا ويصبحوا أسلاما بدل أن تزهق ارواحهم ويذبحون كالنعاج والخرفان بيد من يُخيرهم بين الاسلام او الذبح, ويأخذ اطفالهم سبايا او يخطفهم ويطلبُ فدية عنهم, وينتهك اعراض نسائهم, فعمموا عليهم أن يستسلموا فليس من داعِ لاستشهادهم وإنتهاك اعراضهم وقتلهم وتعرضهم للإضطهاد والضيقة, وهم اولا وآخرا سيحصلون على رحمة الله الواسعة وسيشملهم الخلاص, فما عليهم سوى أن يُكثروا حسناتهم وهذا سيُأهلهم لرحمة الله الواسعة والخلاص! فيبدوا إنَّ الكنائس التقليدية لا يهمها سلامة مؤمنيها بقدر ما يهمها المحافظة على من يبقى منهم ليكون مصدر جمع الاموال وقت زوال الاضطهاد, فما الفرق إن جمع الملالي الاموال منهم او الكهنة فما يُعَلِمِهُ الملالي والكهنة يودي سواسية إلى الخلاص حيثُ إِنَّ رحمة الله ستشمل جميع البشر بحسبِ التبشير الجديد, وموقف كهنتنا يصبح ليس كهنة للرب بل مرتزقة أنانيين في بيت الرب, يطلبون ثبات المؤمنين لجمع الفوائد المادية منهم فقط.


وهذا التبشير الجديد بشَرَ بِهِ أولا َالمبشر ألإنجيلي المعروف السيد بلي كرام في مقابلة تلفزيونية وقال: بأنَّ الغير مؤمنين بفداء الرب يسوع سيحصلون على الخلاص, حتى لو لم يسمعوا بالرب يسوع المسيح, ما داموا قد أحسَوا في قلبهِم بحاجة لخلاص نفوسهم, فرحمة الرب واسعة فستشمل الجميع الهندوس والبوذيين والاسلام والوثنيين,


بلي كرام يصرح


فقط تتبعوا الفيديو حوالي الدقيقة 4.1 و 5.2 من المقابلة واسمعوا كلام هذا المبشر بالإيمان:


سأل القس: ماذا تظن هو مستقبل المسيحية؟


يجيب بلي كرام بالنص: المسيحية , وبما اني مؤمن حقيقي, أعتقد إنَّ هناك جسد المسيح الذي يأتي (يتكون) من جميع تجمعات (الفرق) المؤمنين المسيحيين, أعتقد بأَنَّ كُل من يحب المسيح او يعرف المسيح, إِنْ كانوا يدركون ذلك او لا هم أعضاء في جسد المسيح. أَعتقد بأَننا لن نرى عودة كاسحة للإيمان والتي ستُعيد كل العالم للمسيح في اي وقت. أعتقد بأَنَّ التلميذ (جيمس) يعقوب أجابَ على ذلك في المؤتمر الاول في أُورشليم عندما قال: " بأَنَّ هدف الله لهذا الجيل هو أن يدعو الناس لاسمِهِ" , ويُكمل بلي كرام: وهذا هو ما يفعلهُ اللهُ اليوم. "فهو يدعو الناس من جميع العالم لاسمهِ, سواء أتوا من العالم الاسلامي او العالم البوذي او العالم المسيحي, او عالم الغير مؤمنين, فهم أعضاء في جسد المسيح, لأَنَّهم مدعوين من الله. قد لا يعرفون حتى أسم المسيح, لكِّنَهُم يعلمونَ في قلوبهم بأَنَّهُم يحتاجونَ شيئاَ ما ليسَ عندَهُم, وأَعتقِد بأَنَّهُم مُخلصون وسيكونونَ معنا في الملكوت


القس السائل: هذا عظيم جداَ, فأَنا سعيدُ جداَ لسماعِكَ تقولُ هذا, فهناك شمولية في رحمة الله


يُجيب بلي كرام: نعم هناك شمولية في رحمة الله


نعم بلي كرام يقول إنَّ الخلاص سيشمل المسلمين والبوذيين والمسيحيين وغير المؤمنين الذين لا يعرفون حتى اسم الرب يسوع, لاَنّ رحمة الله ستشمل الجميع, هليلويا! فحتى اتباعه السابقين قد إستنكروا كلامه هذا!    


 فإن كان الخلاص يشمل كل من لم يؤمن بالرب يسوع وصلبهِ وفدائهِ, فقد اصبح الرب يسوع كاذبا, فحاشا ثُم حاشا. فقد قال الرب " أنا الطريق والحق والحياة, لا يأتي أحد إلى الآب إلا بي! " فإما كلام الرب الذي قالهُ صحيح, وايضا الايات أدناه صحيحة:


مرقس(16-15): وَقَالَ لَهُمُ: "اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا (16) مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ"


او كلام المبشرين الجدد أمثال المطران جورج خضر, وبلي كرام , والقس الكاثوليكي في هولندة وأمثالهم. او لعلَهم سيطلبون منا ومن المؤمنين تغيير الانجيل ليتماشى مع كلامهم وبشارتهم الجديدة بشمولية رحمة الله وخلاص جميع البشر الجيدين ذوي الاعمال الحسنة الكثيرة!


ونتسأل لما كانَ هذا الكلام الذي قاله القديس بولس في:


غلاطية(5-1): فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. (2) هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا! (3) لكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. (4) قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. (5) فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرّ. (6) لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ. (7) كُنْتُمْ تَسْعَوْنَ حَسَنًا. فَمَنْ صَدَّكُمْ حَتَّى لاَ تُطَاوِعُوا لِلْحَقِّ؟ (8) هذِهِ الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ مِنَ الَّذِي دَعَاكُمْ. (9) "خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ" (10) وَلكِنَّنِي أَثِقُ بِكُمْ فِي الرَّبِّ أَنَّكُمْ لاَ تَفْتَكِرُونَ شَيْئًا آخَرَ. وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ. (11) وَأَمَّا أَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَإِنْ كُنْتُ بَعْدُ أَكْرِزُ بِالْخِتَانِ، فَلِمَاذَا أُضْطَهَدُ بَعْدُ؟ إِذًا عَثْرَةُ الصَّلِيبِ قَدْ بَطَلَتْ. (12) يَالَيْتَ الَّذِينَ يُقْلِقُونَكُمْ يَقْطَعُونَ أَيْضًا!


** مهلا مهلا! فما هذا الكلام يا قديسنا بولس " إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!" ألا تكفي أعمال البشر الصالحة لخلاصهم؟ فأعمالهم الصالحة ستشهد لهم, وستشملهم رحمة الله الواسعة, فلما تطلب عدم ختانهم وترفض تمسكهم بالختان؟ ولنفرض بأنَّهم خُتِنوا فلماذا تسقطهم من النعمة! ولما تُبشر بالصليب؟ ألا تدري بأنَّ البشر سيخلصون بأعمالهم الصالحة وستشملهم رحمة الله الواسعة, فما حاجتهم للفداء والصليب؟ ولما أنت تُكرز بالصليب والفداء, ألا تعلم بأنَّهم سيخلصون, إذ سيغفر اللهُ لهم خطاياهم من دون الحاجة للفداء ولا للصليب؟ ولما تُصِرْ وتَضِلْ ألبشر ولا تقول لهم الحقيقة! "بأنَّ أعمال البشر الصالحة لوحدها ستُخلصهم, فرحمة الله واسعة وغير متناهية! وبهذا هم سينالون الخلاص ومغفرة خطاياهم وليسوا محتاجين النعمة التي أنتَ تتكلم وتصر عليها! ألا تعلم بأنَّ مُبشري ألأيام الاخيرة سيُبشرون بالخلاص برحمة الله الواسعة, ألم يقل لك الروح القدس الذي يتكلم عنهُ مبشري آخر الازمنة ذلك! عجبي! فأنت في ضلالة عظيمة, وتضل عباد الله الصالحين! ويا ليتكَ إلتقيتَ بالمبشر ألإنجيلي العظيم بلي كرام, أو المطران جورج خضر, أو القس الكاثوليكي في هولندة, لكانوا أعلموكَ حقيقة وإمكانيات الخلاص برحمة الله الواسعة وغفرانه اللا محدود من دون الفداء والصليب الذين تُصِرُ عليهم وتُضِل البشر بهم!


*** ولكي نفهم الحقيقة حقا, دعنا نناقش إمكانية الخلاص بألأعمال الصالحة, أو بضرورة الإيمان بالفداء, فقد خَلُصَ الآباء مثل آدم ونوح وإبراهيم ويعقوب وداؤد وغيرهم قبل حصول الفداء وإتمامهِ, فكيفَ خَلِصَ هولاء الآباء؟ وما ضرورة تَجَسد الاقنوم الثاني والصلب والفداء؟ ولما لم يغفر ألله معصية آدم وحواء؟ ألم يَكُن لديه الرحمة الواسعة وإمكانية غفران زلة بسيطة مثل زلةِ آدم وحواء؟ فهو أي ألله قد خلقَهُم كألأطفال, فهو لم يضع فيهم إِمكانية التمييز بين الخير أو ألشر! ونتسأل, هل نحنُ ألبشر أكثرُ رحمةَ وغفراناَ منهُ تعالى؟ فنحنُ ألبشر حتى لو أَثبَتتْ محاكمنا ذنبَ ألاطفال والأحداث بالسرقة او قد يكون القتل, إلا أننا لا نعاقبهم بالموتِ رأفةَ منا بهم, بإعتبارهم غير مُكتملي ألإدراك والنضوج! فنُعاقبهم بالسجن أو السكن في ألإصلاحيات لِنُصلحهم ونضعهم في المسار الصحيح قبل أن نُطلق سراحهم ونعيدهم إلى الحياة في ألمجتمع من جديد ونعطيهم بهذا فرصة ثانية للعيش والتصرف السليم! فلما لم يفعل الله هذا مع آدم وحواء؟ هل نحنُ البشر أرحم منهُ؟


والان دعنا نسأل: هل ألله يَتغَيَّر؟ فنحنُ نعلم, بأَنَّهُ هُو هُو, لا يتغَيير وهو من ألأزل وإلى ألابد, وإِنَّ رحمًتَهُ من البدأ وإلى ألابد واسعة وغير مُتناهية, ونعلَمُ بِأنَّهُ غفورُ رحيم ولا حدود لغفرانهِ أللأمُتناهي, ونعلمُ أيضا بأنّهُ صالح وعادل ولا حدودَ لصلاحِهِ وعدلِهِ اللامُتناهي, فدعنا نرى لما طردَ آدم وحواء من الفردوس, ولما لم يغفر زلتهم البسيطة, أَما كانَ ألايسر لهُ: أَنْ يعفو عن آدم وحواء ويغفر لهم ويشملهم برحمتهِ أللأمُتناهية, وهو يعلم بأنَّهم لم يكونوا يُميزون بين الخير او الشر! ألم تكن كلمةَ واحدة منهُ كافية لمغفرة خطيئتهم ألبسيطة الواحدة وبهذهِ الكلمة يُعيد إِليهم سابق حالهم من الحياة الابدية والقداسة التي خلقهم عليها اولا؟ فأين رحمتهُ الواسعة وأين غفرانهُ وهو يُعلمنا بشخصِ المسيح المُتجسد, أن نكونَ رحماء وأن نغفر زلات وأخطاء أقربائنا في البشرية لسبعين مرة سبعُ مرات! فأي مُعلمِ هذا, الذي لا يفعل ما يُعلمَ بهِ, أَلم يكنُ ألأولى به أن يعمل هذا بنفسهِ!


فدعنا نفهم ما هذا الذي حصل وجرى:


أولا ألله مُتكامل ولا مُتناهي بجميعِ صفاتِهِ, بعدلهِ ورحمته وصلاحهِ وغفرانه وأزليتهِ ووجودهِ ومحبتهِ فما الذي حصل؟ لما لم يغفر لآدم وحواء زلة بسيطة, وها نحنُ البشر والعصاة المتمردون والفانون لا نعامل أبنائنا وأطفالنا بهذهِ الحدة والصرامة, فننهاهم عن كثير من الاشياء والاعمال, ولكن إن تحدونا بسبب جهلهم او عدم إدراكهم وتناولوا سما زُعافاَ, فلا نطردهم من بيوتنا وعوائلنا, ولا نحكمُ عليهم بالموتِ! بل نحاول إسعافهم وإعادتهم لسابقِ عهدنا بهم وعافيتهم, فهل نحنُ أرحم وأكثر غفراناَ من الله؟ فيبدو بأنَّ الرب يسوع المسيح كان عليهِ أن يتعلم منا, لا أن يُعلمنا!


فما ألذي جرى. ألم يكنْ أَيسر على ألله ذاته, أن يسلك الطريق القصير الذي نسلكهُ نحنُ مع أبنائنا, بدل أن يُضخم الامور فيطرد أبائنا الأولين, وبعد حين ينزل إلى ارضنا ويتجسد ويقبل الاهانة من عبيد أذلاء قد خلقهم وخالفوا وصيته وعصوه, ويقبل أن يصلبوه ويشتموه ويبصقوا عليهِ ويشمتوا به, فهل هذا هو طبعه؟ تارة لا يُظهر أية رحمة ولا شفقة, ويطرد أبائنا الاولين ثُمَّ يعود ليفدينا بنفسهِ؟ هل هو حاد الطبع فلا يُسيطر على ذاته, ثُمَّ يندم فيبذل ذاته لخلاص أولادهِ وأحبائه؟ أم هل هناك قوانين وأمور نجهلها عنهُ, فما دعاه إلى هذا التصرف مع آبائنا الاولين, ومن ثَمَّ معنا نحن أبنائهم؟


فيبدوا إنَّ عدله يسبق رحمته وغفرانه, وله قوانين غير قوانيننا نحنُ البشر, فيجب أن يُقاصص صاحب الاثم ومرتكب المعصية اولا, فعدالته لا يُمكن أن تُنتقص او يتم التواني عنها, فيُنفذ العدل والقصاص اولا, فمن إستحق الموت يجب أن يموت, فلا تهاون في تنفيذ أحكام عدالته, وهو ليس كالبشر فيُحَكِمَ عاطفته ورحمته اولا! وأما عطفهُ ورحمتِهِ فيأتيان بعد تنفيذ عدالته, وإنْ أراد أن يرحَمَ أحد, فلا يُمكن أن يرحمه إلا إذا وجِدَ من يأخُذَ القصاص عنه, فلا رأفة بالخطيئة ولا مرتكبيها, فالقدوس لا يستطيع أن يتعايش مع الخطاة والخطيئة, فالقداسة لا يُمكن أن تسير مع النجاسة, ومرتكب الخطيئة والمعصية نجس ويجب أن يموت ويبتعد عن الله القدوس, وهذا ما قالهُ وكررهُ, وليس له أحكام لا تُنفذ, أي مع وقف التنفيذ كما تفعل محاكمنا نحنُ البشر, والقانون وجِدَ ليُطبق من دونِ إستثناء لاحد, حتى على ذاتهِ هو, " فالعدلُ أساس الملكوت والحُكم ألإلاهي", وإن أرادَ أن يرحم أو يعطف أو يستثني أحد فيجب أن ياخذَ الحُكمَ على ذاتهِ, فعندما فعل, لم يرحم إِبنُهُ, وتركه يعاني الصلب والموت, فالصلب حدثَ مرة واحدة لكنَّهُ موتُ عن كُلِ خطيئة من الخطايا التي يعفو عنها فيبذُل حياةَ أَبدية واحدة عن كُلِّ خطيئة, وهذا ألإعفاء مشروط وليسَ شاملا للكُلْ بل مشروط بقبول الفداء بالصليب والإيمان بإبنِ ألله وفدائه, وهذا ما قالهُ الرب:


" من آمن وإعتمد خَلُص, ومن لم يؤمن يُدان"


فإجرة الخطيئة هي الموت الابدي, ولا وجودَ للغفران من دونِ سَفكِ دم, فقد قال الله:


العبرانيين(9-22): وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ.


وهذا هو أساس وقاعدة الفداء, فبكل خطيئة يموت صاحبها موتا ابديا, وإن قبل صاحب الخطيئة بفداء الرب وآمن به, يبذل الرب دمه ويموت مرة واحدة على الصليب عوضاَ عنهُ, فتُغفر الخطيئة فألإيمان بفداء الرب ونيابته عن الخاطيء شرط اساسي لا يُمكن ألإستثناء عنه, بحسبِ قول الرب " من آمن وإعتمد خَلُص, ومن لا يؤمن يُدان" فلا إِستثناء لاي خاطيء او خطيئة بحسبِ عدالة الرب, لذا قالت الرؤيا:


الرؤيا(20-15): وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ


ففقط المؤمنين بالفداء مكتوبة أسمائهم في سفر الحياة, فمن لا يوجد إسمه في سفر الايمان بفداء إبن الله, يُرمى في بحيرة النار, ولا يُستَثنى أَحد, فلم يَقُل أللهُ في الرؤيا, في ألآية أعلاه " إلا من شملتهُ رحمة الله الواسعة, أو غفران ألله الغير مشروط", بل قالَ أللهُ في الرؤيا:


ألرؤيا(20-12): ورَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ.


فمن دينَ بحسبِ أعمالِهِ لم يخلُص, وتسَميهم الرؤيا مقدما بالاموات, لأَنَّ ملايين ألاعمال الصالحة لا تؤدي إلى خلاص صاحبها, فهي تُبقي صفحَتَهُ بيضاء نقية, وحالَ إِرتكابهِ عملاَ سيئاِ ومعصية واحدة ضد ألله أو القريب, فموتا يموت, ولذا تقول الرؤيا في الفقرة 20/15 " وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ", أي لم يحصل أحد من جميع البشر يوم الدينونة العامة الخلاص بأعماله المكتوبة في جميع الاسفار التي فُتِحت, إلا من كان إسمه قد ورد في سفر الحياة التي للحمل, أي فقط من آمن بفداء الرب وقَبِلَ فداء الصليب, فداء وموت الابن الفادي على الصليب, أي بالضبط كما قال الرب في:


مرقس(16-15): " من آمن وإعتمد خَلُص, ومن لم يؤمن يُدان".


فهل نحنُ نستقصي الآخر (إِخوتنا من الاديان ألأُخرى) بقولنا "لا خلاص إلا للمؤمنين بالرب وبفدائه؟" طبعا لا, فنحنُ بقولنا هذا قد نُتهم بأننا نتمثل بالفريسي الذي صلى قائلا:  اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. (لوقا18/11),  وهنا نقول طبعا لا, لأننا لا نقول مثل الفريسي بانَّنا أو بأنَّ المؤمنين بفداء الرب يسوع المسيح أحسنُ أو اصلحُ من إخوتنا من البشر من بقية الاديان, لا بل قد نكون أقل منهم شأناَ وتكون ألأعمال الصالحة لبَعْضِهم أضعاف اضعاف أعمال المؤمنين بالرب وبفدائه, لكنا نقول ونؤكد بأنَّ المؤمنين بفداء الرب لا يخلصون لصلاحهم او لأَنَّهم خير من بقية إِخوتنا في البشرية, لكِنَّهُم يخلصون بفداء الرب الذي قَبِلَ أن يغفر خطايا المؤمنين بهِ وبفدائه, الذين قَبلوا العماذ الذي طلبهُ وأَوجبهِ, فهم قد يكونون أقلُ صلاحا من الكثير من إخوتهم في البشرية, إلا أَنَّهُم سيخلصون بإيمانهم بالرب يسوع المسيح وفدائِهِ الذي أنجزهُ لهم , لاَنَّ الرب سيدفع حياةِ أبدية واحدة حساباَ لكل خطيئة من خطاياهم, لأنَّهم بإيمانهم بالرب قد حَمَّلوا خطاياهم للرب فحمل وزرها وحسابها عنهم, أما الغير مؤمنين الذين لا يؤمنوا بفداء الرب لاي سببِ كان, او يمتنعون عمدا عن الايمان بالفداء, إما لعدم تصديقهم بأنَّهُ ألله الابن, أو يعتبرونه بشرا فحسب, او لا يعرفونه أو يعترفوا بهِ مطلقا فهولاء لن يدفع الرب حساب خطاياهم, فيكونون هم المسوؤلين عن تأدية حساب كل خطيئة من خطاياهم, وهنا يخسرون أنفسهم بسبب عدم توفر اية حياةِ ابدية فيهم, فخطيئة واحدة طيلة العمر تُهلِك الغير مؤمن, فهو سَيُحاسب بموجب قانون الضمير, لكِنَّهُ سيهلك بهذا الحساب والدينونة, فنحنُ لا نُدين الغير مؤمنين! ولا حتى نشمتَ بهم, أو نتشفى منهم, بل يصبح من واجبنا ضميريا وحسب طلب الرب منا أيضا, أن نُبشرهم بالفداء وبنعمة الفداء, وأن نقول لهم الحقيقة الصارخة بأنَّهم سيهلكون لو إستمروا على طرقُهم التي هم سائرون فيها, فإنْ لم نُنذرهم سنهلك لعدم تبشرينا إياهم وإفهامهم الحقيقة, وقد يكون الاسهل لنا أن نجاملهم ونقول لهم بأنَّهم سيخلصون ايضا بأعمالهم, ونحنُ بهذا سنخالف وصية الرب, ونكون قد جاملناهم على حسابِ مصيرهم الابدي, ونِفاقنا ودبلوماسيتنا هذهِ سندفع الحساب عنها عندما نقف أمام الديان, فيهلكون ونهللك معهم بإثمهم.


وقد نُتهم بأننا لم نفهم رسالة الكتاب الحقيقية المذكورة في الانجيل بإعتبار إِنَّ رسالة الرب للبشرية في الكتاب هي المحبة والغفران اولا, وإنَّ الانسان أهم وأثمن من الكتاب والكلمات المسطرة فيه, وبأننا نختار الآيات التي تخدم وتُثبت الكلام بأنَّهُم سيهلكون ونترك فحوى ولُبَّ الكتاب ورسالة الانجيل, لكِنَ الحقيقة تبقى هي هي, بأنَّ رسالة الانجيل هي المحبة والغفران, وهي البشرى السارة التي أَمرنا ربنا بإيصالها لكل بشر, فالرسالة والنبأ السار هما لجميع البشر, والخلاص الذي أنجزهُ الرب على الصليب هو لكُلِّ فرد من إخوتنا في البشرية, لكِنَّهُ لا يشمل الجميع, فكل فرد في البشرية مدعو, لكن الخلاص هو فقط للذين يقبلون ويؤمنون بفداء الرب لهم, فقد قال الرب لتلاميذهُ:


مرقس(16-15): وَقَالَ لَهُمُ:"اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا (16)  مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ


فمن يؤمن ويقبل العماذ بحسبِ كلام الرب هذا سيخلص, ومن لا يؤمن سيُدان بحسبِ ناموسِ ضميره, وسيهلك لا محالة, فلا وجود لبشرِ لم يخالف ضميره مرة واحدة أثناء حياته الارضية, وقد أكد الرب على هذا بقوله : " لا صالح فيكم, ولا واحد" وهذا يشمل جميع المولودين من ابناء آدم من دون الاستثناء لاحد, ولا حتى للقديسين والانبياء او ما يُسمى نفاقا بأصحاب العصمة من البشر.


وقال الرب ايضا: يوحنا(3-4): قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ:" كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟ : (5) أَجَابَ يَسُوعُ:" الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. (6) اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. (7) لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ.


فالولادة من الماء هي الولادة الجسدية من أُمهاتنا, أما الولادة الروحية, فهي بقبول الفداء والعماذ بإسم الاب والابن والروح القدس. ومن لم يولد من الروح القدس بالعماذ لن يدخل ملكوت السماء, وهذا ليس كلامنا, ولا إستقصائُنا نحنُ للآخر كما يَدعي من يتهمنا بالتعصب, بل هو تحديد الرب وإستقصائه لِكُلِ من لا يولد من الروح بالعماذ الذي اوجبهُ الرب. وهنا قد يُعمم المتساهلين السذج والدبلوماسيين ومُطيبي الخواطر من مؤمنينا, بأنَ الرب سَيُعمد من لم تُعمدهُ الكنيسة, فهنا نقول, هذا يشمل فقط عماذ المؤمنين الذين لم يسمح لهم موتهم بقبول العماذ فعليا, كما حصل للص الذي خلصه إيمانه بالرب وهو يعاني سكرات الموت على الصليب.


وأيضا قال الرب في: يوحنا(14-6): قَالَ لَهُ يَسُوعُ: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي.


ونرى فلاسفة آخر الازمنة يُعمِمون بأنَّ كل البشر سيشملهم الخلاص, وسيغفر الرب لهم, فيصلون إلى الاب عن طريق الرب يسوع! لكن هذا الكلام مجرد مُغالطات كلامية, لا أكثر ولا أقل, نقول هذا لاننا في الرب يسوع المسيح لا نُجامل أحد, فمسيرة الايمان وخلاص المؤمنين وعمل الرب ليس فيه محاباة للوجوه, والرب ليس طريقا مُعَبَدةَ يسير فيها كل البشر إلى الاب, بل هو الطريق الذي يسلكه المؤمنون بقبولهم الايمان بالرب وبفدائِهِ لهم, فيصلوا إلى الملكوت وإلى الاب, ليس لصلاحهم, بل بفداء الرب لهم, فعندما قال الرب "لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" فالمقصود " ليس أحد يصل إلى الملكوت إلا بألإيمان بفداء الرب" فمن لم يؤمن سيدان بحسب ناموس الضمير, وسيهلك بخطأ ومخالفة واحدة لناموس ضميره.


فمن أين جاء اصحاب نظرية الخلاص بالاعمال الصالحة بنظريتهم, وفي أَية آية من آيات الكتاب إستدلوا عليها, لا نعلم! لعلهم سيتبجحون برحمة الله الواسعة, وغفرانه اللا محدود, ولب رسالة الخلاص والبشارة, ونرد ونقول, نعم رحمة الرب واسعة ومغفرته ليست محدودة لمن يتوبوا إليهِ ويُؤمنوا بهِ طريقا للخلاص ويطلبوا الخلاص بفدائه, فحينئذ فقط ستشملهم رحمة الله الواسعة وغفرانه اللا مُتناهي, فهو قد حدد هذا الطريق, وهذهِ هي البشارة, والطريق الوحيد إلى الاب وملكوته الابدي والذي هو قبول فداء الرب والإيمان بخلاصه الذي اتمهُ على الصليب من أجلهم, ومن قال بغَير هذا, فاليُخبرنا " لماذا لم تشمل رحمة الله الواسعة ومغفرتهُ أللامحدودة التي يُعمموها, لما لم تشمل آدم وحواء, ولما كان الصلب والفداء. ولما تنازل الله وقبل التجسد والصلب!


ونتسأل: لماذا كانت الكنائس الكاثوليكية والاورثودوكسية تُعمذ الاطفال الحديثي الولادة ولما تمسح المرضى منهم الذين قد يموتوا بسبب ولادتهم الغير طبيعية او لحالتهم المرضية, أليسَ لتخليصهم من الخطيئة الاصلية التي ورثوها التي تقول بها الكنيسة الكاثوليكية او تخليصهم من تبعات خطيئة آدم الاصلية كما تقول بذلك الكنيسة الاورثودوكسية, فإن كان هناك خلاصا بالدينونة بحسب ناموس الضمير, فضمير الطفل الوليد أطهر وأنقى من ضمير الكبار, فهو إذن سيخلص حاله حال الذين سيدخلون ملكوت الله من الوثنيين بحسب تعميم رحمة الله الواسعة وخلاصهِ على الغير مؤمنينِ, لا بل الطفل اسمى واطهر بدرجات من الوثنيين المبشرين بألخلاص, فلما تفعل الكنيسة هذا , اي تعمد الاطفال وهم لا يدركون حتى معنى الايمان, أليسَ هذا العماذ او الرشم المبكر هو لتلبية طلب الرب بعمادهم وإلا لن يدخلوا ملكوت السماء, تماما كما قال لنيقودومس؟


فكيف سيخلص الغير مؤمنين بفداء الرب بأعمالهم, وهم لم يُؤمنوا ولم يقبلوا العماذ ولا حتى طلبوه او تمنوه قبل موتهم, فكيف سيتم إستثنائهم من كلام الرب " إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ"؟ هل سيعمل الرب لهم تشريعا جديدا إسمه تشريع آخر الازمنة؟ أم سيستثنيهم من هذا الشرط أو سَيُعمذهم بالرغم عنهم وضد إرادتهم الحرة التي وهبهم إياها.


ولما طلب الرب يسوع المسيح المنتصر تبشير الناس وتعميدهم؟ ولما تحمل التلاميذ تبعات تبشير الوثنيين وعبدة النار؟ ولما إستشهد معظمهم؟ فإنْ كانَ الوثنيين سيخلصون بدينونة ناموس الضمير, فلا يبقى معنى للبشارة ولا للإستشهاد وتحمل الآلام!


ونتسأل: هل إِله آخر الازمنة يختلف عن إله العهد القديم او العهد الجديد فيتغير أو يُغيير مُتطلبات الخلاص, فنحنُ نعلم بأنَّ ألله هو هو من الازل وإلى الابد لا يتغير ولا يتبدل, فهل سنطلب منه أن يتغير أو يتطور ليُجاري أهواء مؤمني آخر الازمنة ويُغير متطلبات الخلاص ويُحَدِثَها ويترك القديم ويَتَسِمْ مثل مؤمني آخر الازمنة بالحداثة والتطور ويكون على آخر مودة, مودة آخر الازمنة وأهواء مؤمني آخر الازمنة!


والقديس بولس, حاول إفهام الذين بشرهم بأنَّ ملايين الاعمال الصالحة لا تُخلص فاعليها, لأنَّ معصية وخطيئة واحدة طيلة العمر تُؤدي لهلاك صاحبها عند ديانته بحسب ناموس ضميره, فركزَ على ضرورة الايمان لنيل الخلاص والحياة الابدية, وهذا أدى إلى إساءَة فهم مقاصد القديس بولس, فهو بالحقيقة لم يُصرح بعدم الحاجة للأعمال الصالحة لنيل الخلاص بجانب الايمان والعماذ, فلذا حاول القديس يعقوب توضيح الامر للمؤمنين بأنَّ الايمان من دون الاعمال ميت.


ومن كان شعلة من المحبة وله ملايين الاعمال الصالحة, فهو من دون الايمان سيُدان يوم الدينونة بحسبِ ناموس ضميرهُ, وأعود ثانية للقول بانَّهُ سيهلك, لانَّ لا وجود لانسان كائن من كان, لم يُخاف ناموس ضميرهُ ولو لمرة واحدة طيلة حياته, فقد قال الرب "لا صالح فيكم, ولا واحد" ولذا قال القديس بولس " من أخطأ من دون الناموس فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ." ويكون لنا خير مثل ما حصل مع كرنيليوس عندما ارسل الله ملاكا له ليقول:


أعمال(10-3): فَرَأَى ظَاهِرًا فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ، مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً لَهُ:" يَا كَرْنِيلِيُوسُ!". (4) فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ:" مَاذَا يَا سَيِّدُ؟"  فَقَالَ لَهُ: " صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ اللهِ (5) وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ (6) إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُل دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ".


ولما كلمه بطرس بكلام الخلاص الذي بالمسيح المصلوب وفدائه, حل عليه الروح القدس وتَمَّ تعميذه هو واهل بيتهِ, فلو كانت أعماله ستُخلصَهُ لوحدها ما ارسل الله ملاكا لهُ لكي يُتمِمْ خلاصه بإيمانهِ وعمادهِ, فأعماله وصلواته وصلت إلى الله وإلى عرشهِ, لكنَّها لأنَّها لن تُخلِصَهُ لوحدها, وبالرغم مِنْ أَنَّهُ كانَ مؤمنا بالله ويُصلي إِليهِ, أرسل الله ملاكه إليهِ ليُكمل صلاحهُ بإيمانه بالرب وبفدائهِ لِيَخلص هو واهل بيتِهِ. فألإيمان بالفداء للخلاص شرط ضروري لنيل نعمة أن يُكتب إسمهُ في سفر الحياة التي بالمسيح الرب.


والآن قد يقول ويعترض المُبشرون بالخلاص برحمة الله الواسعة وبالمغفرة من دون الحاجة إلى الفداء, فما ذنب من لم تصلهُ ألبشارة, فلما يهلك؟ والجواب يقوله القديس بولس في:


رومية(2-5): وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ، (6) الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. (7) أَمَّا الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ، فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. (8) وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ، وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ، فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ، (9) شِدَّةٌ وَضِيقٌ، عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ الشَّرَّ: الْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِيِّ. (10) وَمَجْدٌ وَكَرَامَةٌ وَسَلاَمٌ لِكُلِّ مَنْ يَفْعَلُ الصَّلاَحَ: الْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِيِّ. (11) لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ. (12) لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ. وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ. (13)  لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ، بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ. (14) لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ، (15) الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِي قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً، (16) فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ حَسَبَ إِنْجِيلِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.


فالذين يُدانون بحسبِ أعمالهم ولم تصلهم البشارة سيُحاسبون بحسبِ ناموس الضمير المكتوب في قلوبهم ومَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ.


فلاحظوا الكلام فهو يقول من أخطأ من دون الناموس فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ. فخطأ واحد يُهلكهُ.


وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ, وهنا أيضا يهلك من يُدان بالناموس فلا يتبرر إلا إذا عملَ به كاملا وبالحرف.


وأخيرا يُحدد القديس بولس طريقة الحُكم فيقول: فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ حَسَبَ إِنْجِيلِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.


أي ستكون الدينونة بحسبِ المُدون في ضمائر البشر, ولن يخلص إلا من وجد أسمه في سفر الحياة بحسبِ ألإنجيل بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.


** وهنا سيعترض المبشرين الجدد برحمة الله, فيقولون: فما ذنب من لم تصلهُ البشارة, فيُجيب القديس بولس:


رومية(10-14): فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟ (15) وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:"مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ". (16) لكِنْ لَيْسَ الْجَمِيعُ قَدْ أَطَاعُوا الإِنْجِيلَ، لأَنَّ إِشَعْيَاءَ يَقُولُ:" يَا رَبُّ مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا؟" (17) إذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ (18) لكِنَّنِي أَقُولُ: أَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا؟ بَلَى! " إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ، وَإِلَى أَقَاصِي الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ.


** وأما الاباء والأنبياء فبالإيمان مات هؤلاء أجمعين, ولم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها (عب11/13), ولم يخلصوا إلا بدم المسيح وفدائه وانتظروا في الجحيم (الهاوية) على ألرجاء، ولم ينالوا الخلاص إلا بعدَ أن نقلهم المسيح من الهاوية إلى الفردوس بعد صلبه, أي بعد أن دفع إِجرة خطاياهم ومات عوضا عنهم, فذهبَ إلى الهاوية يُبشرهم بالخلاص الذي أَتمَهُ لهم ونقلهم إلى الفردوس السماوي ومنحهم الخلاص الذي طالما طلبوه وفتشوا عنه أثناء حياتهم ولم ينالوه إلا بدم وصليب المسيح وفدائه الذي تم التخطيط له قبل إنشاء العالم, فلا خلاص ولا مغفرة أُعطيت لاحدِ منهم إلا بعد التجسد والصلب, وإلا لكان لا معنى للتجسد والفداء. والذي ينادى بخلاص ومغفرة قبل صلب المسيح، إنما ينكر عقيدة الفداء ويجعل تجسد المسيح أمرا عبثيًا وبلا هدف, فإن كان يمكن للرب أن يمنح الخلاص والمغفرة، بكلمة، وبدون الدم والفداء، فلماذا التجسد والصلب والآلام والجلجثة؟ وأين يكون موضع العدل الإلهي؟


وإِعذرنا يا قدسينا بولس, فنحنُ سنستشهد بكلماتك إلى تيموتاوس, عسى أن يفهم الناس في الايام ألأخيرة هذهِ, قبل فوات الأوان:


2تيموتاوس(3-1): وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، (2) لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، (3) بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، (4) خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ للهِ، (5) لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ .....(12) وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ. (13) وَلكِنَّ النَّاسَ الأَشْرَارَ الْمُزَوِّرِينَ سَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَرْدَأَ، مُضِلِّينَ وَمُضَلِّينَ. (14) وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ.


وأيضا: 2تيموتاوس(4-1): أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: (2) اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ. (3) لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، (4) فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.


نعم يا قديسنا الشيخ بولس, لقد وصلنا آخر الازمنة, وأصبح الاباء والمعلمين محبين لذواتهم, لا يهمهم سوى جمع الاموال وتكديسها, وأصبحت الكنائس تجمع وتُكدس الاموال وتؤسس البنوك بدل أن توزعها على الفقراء والمحتاجين أو البشر الذين تلتصق بطونهم بعظامهم ويموتون جوعاَ في أفريقيا وأسيا, لهم ظاهر التقوى لكِنَّهم يُنكرون قوتها, مُضِلِّينَ وَمُضَلِّينَ, والناس حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فيسمعوا فقط ما يحلو لهم وحسبِ مزاجهم.



نوري كريم داؤد


14/ 10/2013




"إرجع إلى ألبداية"